لكل شخص في حياته عدة انتماءات تشكّل هويته، فهو ينتمي لأسرة معيّنة ثم ينتمي إلى مجتمع ما وبعضهم ينتمي إلى قبيلة، والثقافة التي يعيش في كنفها تعتبر جزء من انتماءه ، كذلك اللغة التي يتحدث بها والتي تظهر من خلالها قوميته هي جزء من انتماءه، نجد كذلك الدين الذي يعتنقه الشخص يعتبر أحد انتماءاته وفي إطار هذا الدين هناك عدة طوائف، أحدى هذه الطوائف تشكّل أحدى انتماءاته، أيضاً المدينة أو المنطقة التي يقطن بها تعتبر أحدى انتماءاته، وإذا استرسلنا في موضوع الانتماء نجد ان المهنة التي يمارسها الشخص باتت تشكّل أحدى انتماءاته فالطبيب يفتخر أنه ينتمي إلى مهنة الطب والمهندس كذلك والمحاسب وهكذا.
إذن الإنسان يتشكّل من عدة انتماءات تشكّل هويته وبعض هذه الإنتماءات متداخلة في بعضها البعض وتشكّل لصاحبها نوع من الربكة وعدم التوازن، فمثلاً شخص أمه تنتمي للغة وقوم تختلف عن لغة وقوم أبيه فمثلاً أمه فرنسية وأباه عربي، أو أن هناك شخص والده ينتمي إلى طائفة غير طائفة أمه في الدين الواحد، أو أن أمه من دولة عربية تختلف عن دولة أبيه العربية وهكذا.
ولكن ما هو الانتماء الزائف؟ الانتماء الزائف باعتقادي هو الانتماء الذي يطغى على كل هذه الانتماءات بل ربما يلغيها من أجل الدفاع عن هذا الانتماء بل يلغى قيمة الإنسان كإنسان فقط من أجل الدفاع عن هذا الانتماء، هذا الانتماء هو الانتماء الأيديولوجي والذي يدخل في إطاره الدين والطائفة، فنجد هناك من الأشخاص يكّرس معظم حياته وسلوكه الفردي والأسري والاجتماعي فقط من أجل دينه أو طائفته ويستبعد أو يلغي دون شعور منه بقية الانتماءات التي تشكّل حياته، انتماء هؤلاء الأشخاص إلى دينهم وطائفتهم وأن كان في الأصل حقيقي ولكن لطغيانه وهيمنته على بقية الانتماءات الأخرى والتي لولاها لما تشكّلت هويتهم، طغيان هذا الانتماء يصبح مزيّف في الهيمنة على سلوك وتصرفات هؤلاء الأشخاص في حياتهم الأسرية والاجتماعية، مما يؤثّر على علاقتهم بذواتهم وذوات الآخرين، ووما يوّلد التطرّف في حياتهم بشكل عام، وهذا من نشاهده لدى بعض المتطرفين منهم في التيارات الدينية والطائفية أمثال القاعدة وداعش وغيرها من التيارات الدينية المتطرفة في الطوائف الأخرى، لقوة هيمنة هذا الانتماء على الشخص واعتقاده الجازم به لم يفكر ولو للحظة هل الأفكار والممارسات الموجودة في هذه الطائفة أو تلك هل هي صحيحة أم غير صحيحة؟ هل ما ورثته من معتقدات من هذا الدين والطائفة التي انتمي إليها هي من أصل الدين أم إنها أقحمت عليه؟ وهكذا نجد ان هؤلاء الأشخاص يعيشون طيلة حياتهم من أجل هذا الانتماء ولم يفكروا ولو للحظة أن ما يتبنوه هل هو حقيقي أو مزيف.
< السابق | التالي > |
---|