قالت لي إحدى الحالات التي كنت اتابعها وأسرتها، وكنت معجبة بسور منزلهم: نحن بالداخل تعساء بعكس سُور منزلنا..
بمناسبة التغيرات الوزارية الجديدة والدم الشاب الذي ضخ في وزارات ومنظمات الدولة فإن الباب الجميل لا يعني أن تكون البيوت جميلة،
فالأبواب الجديدة تحتاج لبيوت ذكية جميلة ومرتبة، وأعني هنا أن الوزراء الجدد أمام تحدّ كبير لوجود وزارات تضخمت بالتحديات وتتطلب إعادة الترتيب وإحياءها من جديد بالحزم والجدية والمتابعة.
وزير الصحة المهندس خالد الفالح أتى من بيئة أرامكو تلك المؤسسة الكبيرة والمنظمة تنظيما دقيقا والتي عملت العديد من المشروعات الناجحة حول العالم والمملكة، كان أحد أهم ما يؤهله لمسؤولياته الجديدة تحويل مستشفى أرامكو الى جون هوبكنز المعروف في الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم كما ونظام التأمين الصحي المتميز لموظفي أرامكو وأسرهم..
هذا الوزير تقلد وزارة صعبة وكبيرة تسمى مقبرة الوزراء وليس العيب في الوزراء بقدر ما هو في الوزارة ذاتها، ورغم أن الوزير لا يملك عصا سحرية إلا أننا واثقون من نجاحات الوزير السابقة وأنه يملك الكثير من الخطط والمشروعات ما يؤهله للنجاح هنا أيضاً..
الوزير الفالح أمام خيارات حاسمة وصعبة ليثبت نجاحه وقدرته على إدارة هذه الوزارة إما نفض الوزارة والدخول بطاقم جديد أو العمل مع الكادر الموجود.. أو الأصعب الموازنة بدماء جديدة والاستفادة من الخبرات الإيجابية السابقة..
نأمل من الوزير الجديد البداية من أسفل الهرم والأساس بزيادة المستوصفات الصحية الحكومية في الأحياء حيث لا باب جميلاً ولا فريق متمكناً، تلك المستوصفات غير الكافية كماً وكيفاً وتفتقر الى المباني المؤهلة والبيئة الصحية ولا تغطي جميع الأحياء لو فعلت فعلاً وقامت بما هو مطلوب من توعية وإشراف ومتابعة لوفرت على الدولة الضغط على المستشفيات وقامت بالوقاية، وهناك تجارب كثيرة لدول في الشرق والغرب ناجحة بتغطية المواطن من أعلى الرأس والأسنان الى أسفل القدمين لنستفيد منها..
التقنية أيضا يا معالي الوزير، فربط سجل طبي موحد حول المملكة بالهوية الوطنية يوفر التاريخ الطبي للكل ويوفر الضغط على المستشفيات، ولا يسمح للمريض بفتح ملفات في عدة مستشفيات حكومية ويزيد إشغالها وتمكن من يرغب بالانتقال من المتابعة في المستشفيات وقبوله، كما تسهل الوصول لتاريخه المرضي في الحالات الطارئة..
الأمان الصحي للوطن والمواطن، فنحن في منطقة مشتعلة بالحروب لن يدعمها الأجانب العاملون في المستشفيات.. فالتسرب الكبير من الأطباء السعوديين من المستشفيات المتخصصة للمستشفيات الأهلية لعدم وجود محفز مادي يضمن بقاءهم، وكادر التمريض السعودي الذي سيكون جذاباً للسعوديين والسعوديات في حال كان وقت العمل لثماني ساعات بنفس الرواتب يقلل الأخطاء فللبشر طاقة نعيها.. وتفتح مجالاً أكبر للتوظيف حيث يمكن استقطاب خريجي العلوم والأحياء الراغبين بدراسة الطب والتمريض والمختبرات والتعيين على أساس الجدارة بنفس الطريقة المتبعة في أرامكو.. من أبسط موظف في الاستقبال الى المديرين..
ليكون البيت والباب والسور والأهل جميلين نبدأ من الداخل..
< السابق | التالي > |
---|