اذا إنسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي فسننسحب منه أيضاً : هذا ما كان يكرره محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايرانية قبل ان يعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق.
بل أن الرئيس روحاني ذهب أبعد من ذلك حينما هدد بأن إيران ستستأنف تخصيب اليورانيوم فور تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق .
وفِي ٨ مايو/ أيار ٢٠١٨ أعلن ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وسرعان ما استيقظت طهران على الضربة لتبحث عن ملاذ يقيها المزيد من العقوبات الاقتصادية والتي أدعى وزير الخارجية بومبيو بعد ذلك بأيام بأنها ستكون قاسية.
وراحت ايران تستجدي العون من روسيا والصين والدول الأوروبية لعلها تتمكن من وقف تداعيات قرار ترامب وأنقاذ الاتفاق ، لكن الأوروبيين وغيرهم لن يتمكنوا من التصرف بمعزل عن الولايات المتحدة .
فهنالك مصالح استراتيجية وكذلك المصالح التجارية التي تطغي على مواقف هذه الدول ولن تتخلى عنها مالم توافق ايران على اتفاق نووي جديد وفقا للشروط الامريكية الجديدة.
وبالتأكيد ان الولايات المتحدة ستحاول تخريب اي اتفاق جانبي دون ان تكون طرفاً رئيسياً فيه ، ولذلك نرى تذمراً روسياً وأوروبياً من عرقلة الولايات المتحدة لدورهما في حلحلة المشكلة .
وما أن أصدر المرشد خامنئي تعليماته بالاستعداد لاستئناف تخصيب اليورانيوم حتى ردت وزارة الخارجية الامريكية عليه بوجوب أن توقف إيران أنشطتها النووية بالكامل.
وقالت الناطقة الصحفية هيذر نويرت إن وزير الخارجية مايك بومبيو ، كان واضحاً في خطابه بأن على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم وأن لا تسعى أبدا إلى معالجة البلوتونيوم.
ونقلت وكالة انباء فارس فيما بعد عن نائب الرئيس الإيراني علي أكبر صالحي قوله ان بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالبدء ببعض الأنشطة، وبالتأكيد فإن تخصيب اليورانيوم هو في صلب المخاوف الاوروبية من السلوك الإيراني .
والغطرسة سمة إيرانية بأمتياز ، ربما ورثوها، وها هم هذه الايام يهددون بغلق مضيق هرمز امام الملاحة اذا ما عجزت ايران عن تسويق نفطها بسبب المقاطعة الامريكية.
والمعروف ان ايران لن تتمكن فنياً من غلق مضيق هرمز لأنه ذهاباً وأياباً ليس كله تحت السيادة الايرانية ، فهي تتحكم بممر لكن سلطنة عمان هي صاحبة السيادة في الممر الاخر لنقل النفط من الخليج العربي الى بحر العرب والأسواق الدولية ، فهل أن ايران مستعدة للمجازفة بتخريب علاقاتها التقليدية مع عمان أيضاً؟
تطل محافظة بندر عباس الايرانية على المضيق من الشمال ، بينما تطل محافظة مسندم العمانية عليه من الجنوب ، وهي التي تشرف على حركة الملاحة البحرية لأن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.
ووفقاً للمعلومات المتداولة فإن عرض مضيق هرمز هو ٥٠ كيلومتراً ، و٣٤ كم في أضيق نقطة، ومياهه بعمق ٦٠ متراً فقط، ويبلغ عرض ممرّي الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي ١٠.٥ كم ). وتعبره ما بين ٢٠-٣٠ ناقلة نفط يومياً ، أي بمعدّل ناقلة نفط كل ست دقائق لتحمل ٤٠ بالمائة من حاجة الاسواق الدولية للنفط .
وقطعاً فإن ايران تحتاج المضيق بالقدر الذي تحتاجه الدول العربية المطلة عليه ، ويقول اللواء هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية المصرية، أن إيران لا تملك القدرة العسكرية والأمنية، ولا حتى الاقتصادية، لتحمل تبعات أي عمل عدائي في مضيق هرمز، موضحًا أن مثل هذه التصريحات تعد حربًا إعلامية لا أكثر.
وقال الكابتن بيل أوربن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الخميس، ٥/ تموز / يوليو الحالي إن البحرية الأميركية مستعدة لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة.
وكانت الولايات المتحدة قد أبلغت جميع الدول بأنها ستتعرض لعقوبات أقتصادية إن لم تمتنع اعتباراً من الاول من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم عن شراء النفط الإيراني .
ويتذكر العرب والعالم الغطرسة الايرانية في حربها العدوانية على العراق عندما راحت في أواخر عام ١٩٨٢ تعترض ناقلات النفط العراقي، وغيرها في مياه الخليج لمنعها من عبور مضيق هرمز الى الاسواق الدولية ، ورد العراق بشن غارات جوية طالت حتى الجزر المطلة على الجانب الإيراني من مضيق هرمز ، وما أعقب ذلك من مرافقة بوارج حربية أمريكية لناقلات النفط الكويتي.
ولم تتمكن ايران حينذاك من غلق المضيق، وهددت بغلقه عدة مرات ، وسيكون مقتلها لو انها تمكنت من تنفيذ تهديداتها فعلاً، مع ان ذلك صعب للغاية.
فكفى غطرسة .
< السابق | التالي > |
---|