الرسالة التي بعثها زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان إلى كل من قيادة الحزب في جبال قنديل، وإلى الفرع الأوروبي فيه، و«حزب السلام والديموقراطية» في الداخل قبل شهر،
بات الجواب عليها جاهزاً من قبل الأطراف المذكورة. وهو سيصل إلى أوجلان خلال أيام قليلة، بعدما سلمه «حزب السلام والديموقراطية» إلى الدولة التركية، التي عقدت اجتماعاً طارئاً ضم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ورئيس الاستخبارات حاقان فيدان وآخرين للبحث في آخر التطورات.
ويسود تفاؤل كبير لدى الأكراد حول إمكانية التوصل إلى حل في انتظار أن يعلن أوجلان بنفسه وقف النار عشية عيد النوروز في 21 آذار الحالي، والذي سيشهد احتفالاً مركزياً في ديار بكر من دون سائر المدن الكردية الأخرى حيث يتوقع أن يتدفق ملايين الأكراد إلى المدينة في استعراض كبير للقوة.
ونشرت صحيفة «راديكال» أمس الأول ما قالت إنها خريطة طريق رسمها أوجلان، ووافقت عليها الأطراف الكردية وتتضمن ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تتضمن وقف العمليات العسكرية من جانب «حزب العمال الكردستاني»، وبدء انسحاب المقاتلين الأكراد من داخل تركيا إلى شمال العراق. أما المرحلة الثانية فهي الخطوات التالية لذلك ولا سيما تلبية المطالب الكردية. والمرحلة الثالثة والأخيرة هي ترك «حزب العمال» للسلاح.
ويحرص أوجلان على التحذير من إمكانية تخريب المرحلة الأولى. ويرى أن على البرلمان التركي أن يواكب هذه المرحلة لجهة تشكيل لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالمسألة الكردية وإدارة مرحلة ما بعد الانسحاب، حتى لا يُملأ الفراغ الحاصل من الانسحاب من قبل عناصر معادية لـ«حزب العمال الكردستاني».
ويبدو مهمّاً إذا سارت الأمور كما هو مخطط أن يعلن أوجلان مهلة الانسحاب الكردي من الداخل التركي، والتي حددها بثلاثة أشهر تنتهي في 26 حزيران المقبل. ومع أن رئيس «حزب السلام والديموقراطية» صلاح الدين ديميرطاش قال إنه «من الخطأ وضع تاريخ محدد وهل سينسحب هؤلاء هرولة؟ وماذا نفعل بمن لا ينسحب؟» غير أن الانسحاب يفترض أن يكتمل في مطلع الصيف المقبل.
وفي المرحلة الثانية، وبعد الانسحاب، يفترض أن تتم تعديلات دستورية تتعلق بالهوية الكردية وتخفيض حاجز النسبة المئوية للانتخابات، وإطلاق سراح المعتقلين المؤيدين للأكراد. وفي حال تم كل ذلك، ينتقل الطرفان إلى المرحلة الثالثة، وهي تخلي «حزب العمال الكردستاني» بالكامل عن العمل المسلح وتسليم السلاح. ولكن الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب، وفقاً لأوجلان، إزالة كل العراقيل أمام الانتقال إلى ديموقراطية كاملة في تركيا. وإذا لم يحصل ذلك، فإن أوجلان يقول: «لا جناح عندها عليّ».
وتنقل الصحيفة أن قيادة جبل قنديل شكّاكة بالتفاصيل التقنية لكل هذه العملية، لكنها تنتهي إلى أن «إرادة أوجلان هي إرادتنا»، وتترك القرار النهائي له. ونقلت صحيفة «اوزغور غونديم» الموالية لـ«حزب العمال الكردستاني» عن رئيس مجلس القيادة فيه مراد قره يلان، قوله إن إعلان أوجلان تجميد العمليات العسكرية في 21 آذار الحالي سيكون بداية لحملة تأسيس الديموقراطية في تركيا، وإعلان اوجلان سيكون ملزماً للجميع. وأضاف إن كل الشروط متوفرة لحل القضية الكردية سلمياً، ولكنه بيّن «إننا مستعدون لكل الخيارات، مستعدون للحرب كما للسلم». وحذّر قره يلان من أن قوى في الداخل وفي الخارج قد تعمل على العرقلة.
أما نائبة رئيس «حزب السلام والديموقراطية» غولتين قيشاناق فقالت إن الأكراد لن يوافقوا على أي دستور لا يكون ديموقراطياً بالكامل. ولم تعارض اعتماد النظام الرئاسي في تركيا شرط أن يحافظ على الديموقراطية والتوازن بين السلطات.
وفي انتظار إعلان أوجلان تجميد العمليات وبدء انسحاب المقاتلين، ينتظر أن يستقبل في أي لحظة وفداً من «حـــزب الســـلام والديموقراطية» الكردي يضم هذه المرة رئيسه صلاح الدين ديميرطاش.
ووسط كل هذه التوقعات كانت زيارة وزير الخارجية احمد داود أوغلو إلى ديار بكر لافتة، حيث التقى رئيس بلديتها وممثلي المنظمات المدنية، داعياً إياهم إلى دعم عملية السلام. ولم يفصل المراقبون هذه الزيارة عن التوجهات التركية لإقامة تحالف تركي مع أكرادها وأكراد شمال العراق وشمال سوريا، خصوصاً مع استعداد هؤلاء كما يقول رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري، صالح مسلم إلى التفاوض مع تركيا لتبديد الشكوك المتبادلة.
وتعكس زيارة داود أوغلو كوزير للخارجية البعد الإقليمي للقضية الكردية، خصوصاً انه مهندس الانفتاح على أكراد العراق عندما زار في العام 2009 رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني في أربيل، في خطـــوة تحـــول في المــوقف التركي المنكر لوجود إقليـــم كردستان لصالح الاعتراف الرسمي به.
< السابق | التالي > |
---|